عشرات المشكلات يعانى منها المعاقون وذوو الاحتياجات الخاصة فى مصر، بداية من الرعاية الصحية، منتقلا إلى التعليم ثم الأنشطة الترفيهية، مما يجعل من كل طفل ذوى احتياجات خاصة عبئا ثقيلًا على أسرته، والأمل الوحيد أمام هؤلاء الأطفال وأسرهم، هو تطوع أهل الخير لإنشاء مراكز خاصة لعلاج حالاتهم، وتحسين الحالة الصحية لهم قدر الإمكان.
وتقول عبير محمد، طالبة ماجستير بكلية التربية قسم علم نفس وموضوع الرسالة عن التوحد (الأوتزم):
تعاملت مع حوالى 6 مراكز لذوى الاحتياجات الخاصة، وكنت أذهب كمتطوعة وأكثر شىء لاحظته هو أن الأخصائيين فى بعض المراكز تتعامل مع هؤلاء الأطفال بدرجة واحدة على أنهم متخلفون عقليا، رغم أنهم ليس جميعهم ذلك، فعلى سبيل المثال طفل الأوتزم لديه اضطرابات فى الأعصاب، وهو غير مدرك لما يفعل، فليس لديه إحساس بالخطر أو الارتفاعات، ويحتاجون إلى طريقة كلام خاصة، ولكن نجد الاخصائيين يتعاملون مع هؤلاء الأطفال بالضرب لعمل أى شىء، فتكون لغة التحدث بينهم هى الضرب.
والمدارس الفكرية فى مصر لديها عيب قوى، وهو دمج كل أنواع الإعاقات الذهنية مع بعضهم، وهذا خطأ ثانى فكل حالة تتعامل بشكل مختلف عن الأخرى، بالإضافة إلى التعامل الخاطئ مع هؤلاء الأطفال فى الشارع، مما ينتج عنه خجل أولياء الأمور من الخروج بهؤلاء الأطفال.
ويقول د.شورى يوسف، أستاذ طب المخ والأعصاب بطب الأزهر وزميل معهد كبتيدى وجامعة هوبكنز لأعصاب الأطفال، ظهرت مشكلات ذوى الاحتياجات الخاصة بقوه نتيجة نقص الأخصائيين من ناحية العدد والخبرة، هى أولى المشكلات التى يعانى منها هؤلاء الأطفال، فهناك نقص فى الأخصائيين النفسيين، والعلاج الطبيعى والتخاطب وأخصائيين العلاج السلوكى، وهذا يرجع إلى سفر هذه التخصصات النادرة إلى الدول العربية أو الأجنبية لينالوا التقدير والخبرات بدلًا من العمل فى خدمة أطفال بلادهم.
لا يمكن أن ننكر وجود متخصصين فى هذا المجال فى مصر الآن، ولكن عددهم ضعيف مقارنة بعدد الأطفال المعاقيين فى مصر، والتى تصل نسبتهم إلى 20% تقريبا، والمراكز الحكومية عددها بسيط ولا تغطى جميع المحافظات، فجميعها متمركزة فى القاهرة فعدم وجود مراكز حكومية تعتبر مأساة حقيقية، فما المانع من عمل داخل كل جامعة، وكل مستشفى حكومى داخل كل محافظة مركز متخصص لذوى الاحتياجات الخاصة يخدم أبناء محافظتها لتخف العبء على الأهل فى السفر الدائم بأطفالهم.
وترى د. أمل الصالح، استشارى إعداد البرامج التأهيلية والتعليمية لذوى الإعاقة، ورئيس مؤسسة السندس للأيتام المعاقين: جميعنا نعرف أن لكل صورة جانبًا إيجابيًا وجانبًا سلبيًا، فالجانب السلبى هنا هو العبء المادى على الأسر ضعيفة الدخل، فهؤلاء الأطفال بحاجة إلى أدوية مستمرة، وقد تحتاج بعض الحالات إلى إجراء عمليات جراحية، بالإضافة إلى المتابعة المستمرة عند الطبيب والأخصائيين، والذهاب إلى المؤسسات أو المراكز لعمل جلسات للطفل، وهذه المراكز تكون أغلبها عن الأسرة، وتحتاج إلى سفر، فكيف تذهب الأم بطلفها إلى هذه الأماكن وترعى باقى أسرتها وتذهب إلى عملها؟
ومع هذه الصورة القاتمة يوجد جانب إيجابى لا يمكن أن ننكره، فهناك جمعيات عامة تساعد الأسر فى علاج طفلها وإعطائه جلسات بالمجان أو بأسعار رمزية، وهناك المدارس الحكومية التى خصصت فصول لهؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى أن جهة العمل التى تعمل بها الأم تراعى ظروفها، وتقدم لها المساعدات أحيانا، وتسمح لها برصيد إجازات زيادة أحيانا أخرى، بمعنى أنه أصبح هناك وعى أكثر من الأول بأهمية التعاون معا لاحتواء هذه المشكلة.
أما بالنسبة للمحافظات خارج القاهرة لا تزال هناك مشكلة عندها فلا يوجد بها الجمعيات أو المؤسسات التى تساعد هؤلاء الأسر لأن إمكانيتها محدودة، ولكن أصبح الآن نتيجة للدورات التدريبية ونتيجة لتخريج شباب لديهم نوعًا ما من المعلومات التى يمكن بها أن يتعاملوا مع هؤلاء الأطفال، فأصبح هناك أمل فى إنشاء مؤسسات وجمعيات لذوى الاحتياجات الخاصة خارج القاهرة.
وتشير د. أمل الصالح إلى أن مصر لديها جميع البرامج التأهيلية المناسبة تمامًا، ولكن قد يشعر بعضنا أنها غير مناسبة، هذا غير صحيح، ولكن المشكلة فى أن هناك بعض المراكز لديها عجزًا فى بعض التخصصات لتنفيذ هذه البرامج، وليس لديها الخبرة الكافية لذلك، بالإضافة إلى أن إدارة التأهيل والرقابة ليس لديها الخبرة وعدد الموظفين الذين يقوموا بهذا. لكن الآن ومع الدورات التى تقدم لهؤلاء الموظفين داخل الإدارة أصبح لديها بعض المعرفة لتأهلهم للرقابة على هذه المراكز والمؤسسات، ولكنها لا تزال تحتاج بعض الوقت الكافى لاتمام هذه المهمة.
والجانب الأكثر إيجابية فى الأمر الآن أصبح تقبل المجتمع لهؤلاء الأطفال زيادة وأصبح من النادر عزل الأسرة لطفلها المعاق بل أصبحوا يدمجوه فى المجتمع، وتحت إشراف الطبيب، والدليل على هذا وجود فى كل نوادى فرق رياضية وفنية لذوى الإعاقة وإقبال الأسر على الاشتراك فيها، وعمل مسابقات رياضية لهؤلاء الأطفال، بالإضافة إلى أن أولياء الأمور أصبحوا يتقدموا لأخذ دورات تدريبية لمعرفة طريقة التعامل الصحيحة مع هؤلاء الأطفال للمساعدة فى تحسين حالتهم الصحية.
الكاتب: أمنية فايد
المصدر: موقع اليوم السابع